الفرق بين النبوة والرسالة ... بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى { وما
أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي } هذه الآية توضح أن المبعوثين من قبل
الله سبحانه و تعالى ينقسمون الى انبياء و الى مرسلين , أي ان السفراء
الالهيين و الذين اجتباهم الله سبحانه و تعالى لحمل ...رسالته
يعنونون تارة بالنبوة و اخرى بالرسالة , أي ان هذه العناوين هي عناوين
الهية . السؤال المطروح هنا ما هو المراد من النبوة , ما هو المراد من
الرسالة ؟ الرأي الاول : قول يرى بان كل صاحب شريعة و يأتي من بعده من
يحفظ تلك الشريعة , فصاحب الشريعة رسول و لكن الأنبياء الذين يأتون لحفظ
شريعته هم انبياء ليسوا بمرسلين , و هذا يعني ان كل رسول هو نبي , و لكن
ليس بالضرورة ان كل نبي هو رسول . الرد : اولا : هذا الري لا يمكن
الالتزام به , لانه يلزم بان لا يوجد بين السفراء الالهيين الا خمسة من
المرسلين , هم اصحاب الشرائع , أي انبياء أولو العزم , نوح , وإبراهيم ,
وموسى , وعيسى , ومحمد ( صلى الله عليه و اله وعليهم جميعا ) . ثانيا : ان
الروايات و النص القراني لا يسمح بذلك , فالروايات تخبر ان الانبياء (124)
ألف نبي , و المرسلين منهم (313) مرسلا , أي انه لا ينحصر المرسلون في
خمسة . الايه المباركة تقول { واذكر في الكتاب موسى انه كان مخلصا و كان
رسولا نبيا } فاذا كان هذا القول يعتقد ان الرسالة هي تتضمن النبوة , اذن
لا معنى من قوله رسولا نبيا . الرأي الثاني : الرسول هو الذي يحمل النبوة
و النبأ من السماء و امر ان يبلغه للناس , اما النبي يحمل النبوة و لكنه
غير مامور بالابلاغ . الرد : اولا : هذا القول خلاف صريح القران الكريم ,
حيث يقول تعالى { فبعث الله النبين مبشرين و منذرين } , فاذا كان النبي
مبشرا و منذرا اذن هو مبلغ . ثانيا : انه يفهم من هذا الرأي ان النبوة اعم
من الرسالة و هذا لا يتفق مع الاية المباركة { واذكر في الكتاب موسى انه
كان مخلصا و كان رسولا نبيا } فلو كانة النبوة اعم من لقال تعالى ( و كان
نبيا رسولا ) لان الناحية المنطقية تستوجب ان يذكر العام اولا ثم الخاص .
الرأي الثالث : ان الرسول من كان له كتاب , و ان النبي من لم يكن له كتاب
, فكل من كان صاحب كتاب فهو نبي رسول , و من لم يكن صاحب كتاب فهو نبي و
ليس رسول . الرد : لا يوجد دليل لا من اية و لا من رواية تثبت هذا القول .
الرأي الرابع : ان النبي و الرسول كلاهما مرسلان الى الناس ( كلاهما سفراء
من الله ) , غير ان النبي بعث لينبئ الناس بما عنده من الغيب , و الرسول
هو المرسل برسالة خاصة زائدة على اصل النبوة أي مشتملة على اتمام حجة
يستتبع مخالفته هلاكا او عذابا او نحو ذلك , لذا يستدل بهذه الآية { وما
كنا معذبين حتى نبعث رسولا } الرد : هذا القول لا يمكن قبوله لان الرسول
محمد ( صلى الله عليه و على اله و سلم ) خالفه قومه ولم يستعجلهم الله
بالعذاب . الرأي الخامس : ان لسفير الالهي بعدان , بعد يوحى اليه أي يأخذ
الخبر من السماء وهو البعد الغيبي و يسمى نبيا . و البعد الذي يعطى فيه
للناس أي يوصل ذلك النبأ او الخبر وهو البعد البشري يسمى رسولا . قال
تعالى { قل انما انا بشر مثلكم يوحى الي } . و قوله { وما ارسلنا من رسولا
الا بلسان قومه } . أي ان كل نبي هو رسول , و كل رسول هو نبي , بمعنا اخر
كل الانبياء مرسلون , كما ان كل المرسلين هم انبياء . ومن الناحية اللغوية
نجد ان النبي هو الذي يأخذ النبأ , اما الرسول هو الذي يوصل النبأ . وهذا
الرأي ذهب اليه جملة من المحققين و الأعلام ومنهم السيد الطباطبائي ( رحمه
الله